وهذه قصةإسلام المغني البريطاني كات ستيفنزالذي أصبح الداعية الإسلامي يوسف إسلام وهو والد المطرب سامي يوسفيرويها بنفسهولدت في لندن قلب العالم الغربي ولدت في عصر التلفزيون والفضاء ولدت في عصر وصلت فيه التكنولوجيا إلى القمة في بلد معروف بحضارته ، في بريطانيا .. ترعرعت في هذا المجتمع وتعلمت في مدرسة كاثوليكية حيث علمتني المفهوم النصرانيللحياة والعقيدة ، وعرفت ما يفترض أن أعرفه عن الله وعن المسيح عليه السلام وعن القدر والخير والشر . حدثوني كثيرا عن الله ، وقليلا عن المسيح ، وأقل عن ذلك الروح القدس . كانت الحياة حولي مادية تنصب من كل أجهزة الإعلام ، حيث كانوا يعلموننا أن الغنى هو الثروة الحقيقية ، والفقر هو الضياع الحقيقي ، وأن ا الأمريكي هو المثل للغنى ، والعالم الثالث هو المثل للفقر والمجاعة والجهل والضياع ! ولذلك لا بد أن أختار طريق الغنى ، وأسلك مسلكه لأعيش حياة سعيدة وأفوز بنعيم الحياة ، ولهذا فقد بنيت فلسفة الحياة على أن لا علاقة لها بالدين ، وانتهجت هذه الفلسفة ، لأدرك سعادة النفس. وبدأـ أنظر إلى وسائل النجاح ، وكانت أسهل طريقة أن أشتري ( جيتارا ) وأؤلف بعض الأغاني ، وألحنها ، وأنطلق بين الناس ، وهذا ما فعلته بالفعل باسم ( كات ستيفنز ) وخلال فترة قصيرة حيث كنت في الثامنة عشرة من عمري كان لي ثمانية شرائط مسجلة ، وبدأت أقدم الكثير من العروض وأجمع الكثير من المال حتى وصلت إلى القمة . وعندما كنت في القمة ، كنت أنظر إلى أسفل ، خوفا من السقوط !! وبدأ القلق ينتابني ، وبدأت أشرب زجاجة كاملة في اليوم ، لأستجمع الشجاعة كي أغني ، وكنت أشعر أن الناس حولي يلبسون أقنعة ، ولا أحد يكشف عن وجهه القناع ، قناع الحقيقة . كان لابد من النفاق حتى تبيع وتكسب وحتى تعيش ! وشعرت أن هذا ضلال ، وبدأت أكره حياتي واعتزلت الناس وأصابني المرض، فنقلت إلى المستشفى مريضا بالسل ، وكانت فترة المستشفى خيرا لي حيث إنها قادتني إلى التفكير. كان عندي إيمان بالله ، ولكن الكنيسة لم تعرفني ما هو الإله ، وعجزت عن إيصال حقيقة هذا الإله الذي تتحدث عنه! كانت الفكرة غامضة ، وبدأت أفكر في طريقي إلى حياة جديدة ، وكان معي كتب عن العقيدة والشرق ، وكنت أبحث عن السلام والحقيقة ، وانتابني شعور أن أتجه إلى غاية ما ، ولكن لا أدرك كنهها ولا مفهومها .. ولم أقتنع أن أظل جالسا خالي الذهن ، بل بدأت أفكر وأبحث عن السعادة التي لم أجدها في الغنى ، ولا في الشهرة ، ولا في القمة ، ولا في الكنيسة ، فطرقت أبواب البوذية والفلسفة ، وظننت أن السعادة هي أن تتنبأ بما سيحدث في الغد حتى تتجنب شروره ، فصرت قدريا ، وآمنت بالنجوم ، والتنبؤ بالطالع ، ولكني وجدت ذلك كله هراء. ثم انتقلت إلى الشيوعية ، ظنا مني أن الخير هو أن نقسم ثروات هذا العالم على كل الناس ، ولكني شعرت أن الشيوعية لا تتفق مع الفطرة ، فالعدل أن تحصل على عائد مجهودك ، ولا يعود إلى جيب شخص آخر . ثم اتجهت إلى تعاطي المخدرات لأقطع هذه السلسلة الصعبة من التفكير والحيرة . وبعد فترة أدركت أنه ليست هناك عقيدة تعطيني الإجابة ، وتوضح لي الحقيقة التي أبحث عنها ، ويئست حيث لم أكن آنذاك أعرف شيئا عن الإسلام ، فبقيت على معتقدي وفهمي الأول ، والذي تعلمته من الكنيسة حيث أيقنت أن المعتقدات الأخرى هراء، وأن الكنيسة أفضل قليلا منها. عدت إليها ثانية وعكفت مرة أخرى على تأليف الموسيقى ، وشعرت أنها هي ديني ، ولا دين لي سواها . وحاولت الإخلاص لهذا الدين حيث حاولت إجادة تأليف الموسيقى ، وانطلاقا من الفكر الغربي المستمد من تعاليم الكنيسة الذي يوحي للإنسان أنه يكون كاملا كالإله إذا أتقن عمله أو أخلص له وأحبه ! وفي عام 1975 م حدثت معجزة . كنت أمارس السباحة في صيف ذلك العام ، في فترة استجمام بعد فترة العلاج التي تلقيتها في أحد المستشفيات ، وشعرت وأنا في البحر وأنا في تلك الحالة أنني بدأت أضعف ولم أعد قادرا على الاحتفاظ بتوازني في الماء ، إنني أكاد أغرق ، بدأت أصارع الماء وأحاول البقاء دون جدوى ، الماء يجذبني بقوة إلى القاع وليس هناك أي طريقة للنجاة ، في هذه اللحظة الحرجة لم يكن أمامي إلا أن أتوجه إلى الله ، الذي لم أكن أعرفه حق معرفته ، توجهت بقلبي إلى الله ودعوته خالصا أن ينقذني بهذه الكلمات : God if you save me I will do something for you
يا رب إن أنت أنقذتني فسوف أعمل من أجلك شيئا ما . بعدها لم أشعر إلا وأنا في أحد المستشفيات ، كان الناس قد أنقذوني بعد أن غرقت فعلا ونقلوني إلى المستشفى . بقيت في المستشفى فترة من الزمن للعلاج ، ثم خرجت ولا زلت أتذكر ذلك الوعد الذي قطعته على نفسي ، قررت أن أسافر إلى القدس في فلسطين ولم أكن أخطط لشئ بشأن الإسلام ، وكان أخي الأكبر قد قدم لي هدية هي عبارة عن نسخة من القرآن الكريم ، بقيت معي هذه النسخة حتى زرت فلسطين ، ومن تلك الزيارة بدأت أهتم بذلك الكتاب الذي أهدانيه أخي ، والذي لا أعرف ما بداخله وماذا يتحدث عنه، ثم بحثت عن ترجمه للقران الكريم بعد زيارتي للقدس ، وكانت المرة الأولى التي أفكر فيها عن الإسلام ، فالأسلام في نظر الغرب يعتبر عنصريا عرقيا ، والمسلمون أغراب أجانب سواء كانوا عربا أو أتراكا ، ووالدي كانا من أصل يوناني ، واليوناني يكره التركي المسلم ، ولذلك كان من المفترض أن أكره القرآن الذي يدين به الأتراك بدافع الوراثة ، ولكني رأيت أن أطلع عليه فلا مانع من أن أرى ما فيه . ومن أول وجدت أن القرآن يبدأ باسم الله وليس باسم غير الله ، وعبارة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) كانت مؤثرة في نفسي ، ثم تأتي الفاتحة ، فاتحة الكتاب ( الحمد لله رب العالمين ) ، كل الحمد لله خالق العالمين ، ورب المخلوقات . وحتى ذلك الوقت كانت فكرتي عن الإله ضئيلة ، حيث كانوا يقولون لي : إن الله الواحد مقسم إلى ثلاثة ، كيف ؟ ! لا أدري. وكانوا يقولون لي إن إلهنا ليس إله اليهود ... ! أما القرآن الكريم فقد بدأ بعبادة الله الواحد رب العالمين جميعا ، ومؤكدا وحدانية الخالق ، فليس له شريك يقتسم معه القوة ، وهذا أيضا مفهوم جديد ، ثم كنت أفهم قبل معرفتي بالقرآن الكريم ، أن هناك مفهوم الملائمة والقوى القادرة على المعجزات ، وأما الآن فبمفهوم الإسلام ، الله وحده هو القادر على كل شئ . واقترن ذلك بالإيمان باليوم الآخر وأن الحياة الآخرة خالدة ، فالإنسان ليس كتلة من اللحم تتحول يوما ما إلى رماد كما يقول علماء الحياة . بل ما تفعله في هذه الحياة يحدد الحالة التي ستكون عليها في الحياة الآخرة. القرآن هو الذي دعاني للإسلام ، فأجبت دعوته ، وأما الكنيسة التي حطمتني وجلبت لي التعاسة والعناء فهي التي أرسلتني لهذا القرآن ، عندما عجزت عن الإجابة على تساؤلات الروح . ولقد لاحظت في القرآن ، شيئا غريبا ، هو أنه لا يشبه باقي الكتب ، ولا يتكون من مقاطع وأوصاف تتوافر في الكتب الدينية التي قرأتها ، ولم يكن على غلاف القرآن الكريم اسم مؤلف ، ولهذا أيقنت بمفهوم الوحي الذي أوحى الله به إلى هذا النبي المرسل. لقد تبين لي الفارق بينه وبين الإنجيل الذي كتب على أيدي مؤلفين مختلفين من قصص متعددة. حاولت أن أبحث عن أخطاء في القرآن الكريم ، ولكني لم أجد ، كان كله منسجما مع فكرة الوحدانية الخالصة . وبدأت أعرف ما هو الإسلام . لم يكن القرآن رسالة واحدة ، بل وجدت فيه كل أسماء الأنبياء الذين شرفهم وكرمهم الله ولم يفرق بين أحد منهم ، وكان هذا المفهوم منطقيا ، فلو أنك آمنت بنبي دون آخر فإنك تكون قد دمرت الرسالات . ومن ذلك الحين فهمت كيف تسلسلت الرسالات منذ بدء الخليقة ، وأن الناس على مدى التاريخ كانوا صنفين : إما مؤمن وإما كافر. لقد أجاب القرآن على كل تساؤلاتي ، وبلك شعرت بالسعادة ، سعادة العثور على الحقيقة. وبعد قراءة القرآن الكريم كله ، خلال عام كامل بدأت أطبق الأفكار التي قرأتها فيه ، فشعرت في ذلك الوقت أنني المسلم الوحيد في العالم. ثم فكرت كيف أكون مسلما حقيقيا ؟ فاتجهت إلى مسجد لندن ، وأشهرت إسلامي ، وقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ,أشهد أن محمدا عبده ورسوله . حين ذاك أيقنت أن الإسلام الذي اعتنقته رسالة ثقيلة وليس عملا سهلا ينتهي بالنطق بالشهادتين. لقد ولدت من جديد! وعرفت إلى أين أسير مع أخواني من عباد الله المسلمين ، ولم أقابل أحدا منهم من قبل ، ولو قابلت مسلما يحاول أن يدعوني للإسلام لرفضت دعوته بسبب أحوال المسلمين المزرية ، وما تشوهه أجهزة الإعلام في الغرب ، بل حتى أجهزة الإعلام الإسلامية كثيرا ما تشوه الحقائق الإسلامية ، وكثيرا ما تقف وتؤيد افتراءات أعداء الإسلام ، العاجزين عن إصلاح شعوبهم التي تدمرها الآن الأمراض الأخلاقية والاجتماعية وغيرها. لقد اتجهت إلى الإسلام من أفضل مصادره ، وهو القرآن الكريم ، ثم بدأت أدرس سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف أنه بسلوكه وسنته علم المسلمين الإسلام ، فأدركت الثروةالهائلة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسنته ، لقد نسيت الموسيقى ، وسألت أخواني : هل أستمر ؟ فنصحوني بالتوقف ، فالموسيقى تشغل عن ذكر الله ، وهذا خطر عظيم. لقد رأيت شبابا يهجرون أهلهم ، ويعيشون في جو الأغاني والموسيقى ، وهذا ما لا يرضاه الإسلام الذي يحث على بناء الرجال. أما الملايين التي كسبتها من عملي السابق ( وهو الغناء ) فوهبتها كلها للدعوة الإسلامية يوسف إسلام كات ستيفنز سابقا